ولاة اليمن في صدر الإسلام حتى نهاية العصر العباسي الأول وسياساتهم الإدارية

توصلت الدراسة إلى النتائج الآتية:

أولاً: ظهرت ملامح النظام الإداري في فترة الرسالة من خلال نظام النقباء الذي أوجده النبي صلى الله عليه وسلم في بيعة العقبة الثانية، وإيجاد التسلسل الهرمي في المسئولية، وإقرار مبدأ التفويض والإنابة.

ثانياً: اتبع الرسول صلى الله عليه وسلم في إدارته لدولته الناشئة أسلوباً مركزياً، حيث تجمعت كل السلطات في يده، وذلك استجابة لمتطلبات الدولة، كما كان أحياناً يتبع أسلوب اللامركزية الإدارية؛ مراعاة لحسن إدارة الأمصار النائية.

ثالثاً: قسم الرسول صلى الله عليه وسلم الدولة إلى وحدات إدارية شملت مناطقا ومدناً، وقبائل ،عين على كل وحدة إدارية والياً يدير شؤونها.

رابعاً: مارس النبي صلى الله عليه وسلم مبدأ "اختيار الأصلح" في تعيين رجال إدارته، وقام بالرقابة الإدارية عليهم، إذ كان يولي مظالم الرعية اهتماماً بالغاً.

خامساً: إن الدولة ممثلة بالرسول صلى الله عليه وسلم هي الجهة المسئولة عن تنفيذ الأحكام الخاصة بالمال، بالطرق والأساليب التي تراها محققة للمصلحة.

سادساً: أنشأ النبي صلى الله عليه وسلم جهازاً إدارياً لجمع الأموال المستحقة وحفظها وتوزيعها على أصحابها، وكان يخضع هؤلاء للرقابة والمحاسبة المركزية المستمرة.

سابعاً: القضاء في الإسلام يستمد قوته من الدولة في إلزام المتخاصمين بالتحاكم إليه، وفي تنفيذ أحكامه، حيث منعت الشريعة أصحاب الحقوق من استيفائها بأنفسهم وقوتهم الشخصية.

ثامناً: امتاز القضاء في هذه الفترة باستقلال القاضي في الحكم، حيث لم يقيد النظام أحداً ممن ولاه القضاء بشيء معين سواء كانت التولية ضمن الولاية العامة أوالولاية الخاصة.

تاسعاً: وجدت المظالم والحسبة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم على نطاق ضيق ومحدود، وذلك شأن كل ولاية في بدء نشأتها وتكوينها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يباشرهما بنفسه أو يقلدهما غيره..

عاشراً: قصرة فترة الولاية للوالي: في بعض مراحل الدولة – حيث إن بعض الولاة لا تزيد مدة ولايته عن شهور معدودة فقط ثم يعزل بغيره، كما هو في عهد عبد الله بن الزبير.

احد عشر: أن الولاة في كانوا منابع علمية وعلى قدر كبير من العلم والمعرفة فمنهم الفقيه والمحدث والخطيب.

اثنا عشر: الورع سمة معظم هؤلاء الولاة ولعل عروة بن عطية السعدي يمثل نموذجاً لذلك. فقد ذكر يعقوب بن سفيان، عن علي بن المديني أن عروة تولى اليمن عشرين سنة ولم يخرج منها إلا بسيفه ومصحفه.

ثلاثة عشر: أن ولاية اليمن لم يليها أحد من العلويين طوال فترة العصر الأموي أو أحد القرشيين حتى لا يكون لديه من القوة في المال والرجال ما يجعله يطمع في منافسة البيت الحاكم.

أربعة عشر: أن نصف الولاة كانوا من أفراد البيت الثقفي في فترة العصر الأموي، أما النصف الأخر فكان مزيجاً متبايناً.

خمسة عشر: ظهور الإنابة في نظام الولاية ونعني بها عدم التزام الوالي الذي يعين لإمارة بلد ما بالسفر إلى ولايته لمباشرة مهامه الإدارية فيها، ويرسل بدلاً عنه من ينوبه لهذه المهام فصارت التولية تشريفاً لا تكليفاً، ومنحة رزق لا خدمة للدولة نذكر على سبيل المثال:إنابة محمد بن يوسف الثقفي نيابة عن أخيه الحجاج بن يوسف الثقفي وولاية داود بن علي على اليمن في خلافة أبي العباس، فأرسل من ينوبه وهو عمر بن عبد الحميد الخطابي. وولاية يزيد بن المنصور على اليمن في خلافة المهدي، ووصفه زامباور بأنه حاكم فخري، وهذه ظاهرة عامة للإدارة العربية منذ العهد الأموي. وهذه الخطوة الإدارية تعد نقصاً في النظام الإداري في عهد بني العباس وجرا إلى أسوأ العواقب. فقد تدهورت أوضاع الإقليم وأهملت شؤونه لا سيما وأن إقليم اليمن مدرج مع إقليم الحجاز في وحدة إدارية كبيرة فأول خليفة عباسي السفاح سلم هذه الوحدة الإدارية لعمه داوود بن علي ولكنه لم يذهب إلى اليمن، وإنما أناب عنه ولاة على اليمن وأصبحت اليمن تدار من قبل النواب وليس من قبل الوالي.

ستة عشر: ظهورالطابع العسكري للولاة:

وهذه الظاهرة استفحل أمرها في عهد الخليفة المأمون بسبب اضطراب أوضاع الولايات الإسلامية في عهده، فازداد اعتماده على (الولاة القادة) لضبط أمور الولايات الثائرة وإقرار النظام فيها، مما أدى إلى ظهور سلطات إدارية في الولايات مترشحة للانفصال نذكر على سبيل المثال، الدولة الزيادية التي ظهرت في اليمن بزعامة محمد بن عبيد الله بن زياد الذي أرسله المأمون على رأس جيش لقمع اضطراب ظهر في تهامة اليمن عام 203هـ.

سبعة عشر: الجمع بين إدارة اليمن ومكة تحت إمرة والٍ واحد:

في بعض الأحيان وقد حدث ذلك في ولاية داوود بن علي في خلافة أبي العباس وفي ولاية محمد بن إبراهيم في عهد الرشيد وفي ولاية حماد البربري على اليمن وهي سمة كانت واردة في الإدارة العربية في العهد الأموي حيث جمع الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان الحجاز واليمن وجعل أمرهما للحجاج الثقفي وفي هذه الحالات كان الوالي يستقر بالحجاز ويبعث عنه نائباً لحكم اليمن.

» مصادر تاريخ اليمن في العصر الاسلامي
» للشاعر محمود غنيم عن الحال الذي آلت إليه أمة الإسلام بعد العز الذي كانت فيه وكيف أن لها في كل بقاع العالم بقايا تثبت سطوع نور الإسلام بها
» وجوب طاعة ولاة الامور وعدم الخروج عليهم